Elham Freiha
ابحث عن المقال
هل إنَّ نضوج التشكيلة لم يحن بعد؟
١٨ كانون الأول ٢٠١٦

مرة جديدة يثبت بما لا يقبل الشك أنَّه ما لم يصدر مرسوم تشكيل الحكومة ويُتلى من على منبر الإعلام في القصر الجمهوري، فإنَّ الحكومة تكون عملياً ومنطقياً في مرحلة ما قبل الولادة، وكلُّ التكهنات والتوقعات والتحليلات والإجتهادات والقراءات ليست سوى أُمنيات ورغبات. منذ التكليف وحتى اليوم، كم من التشكيلات وُضِعَت وسُرِّبَت وملأت الصفحات والشاشات والمواقع؟ حتى في الصفحة الواحدة والموقع الواحد يكون هناك أكثر من تشكيلة، ولكن على قاعدة ما تقول فول حتى يصير بالمكيول، فإنَّ ما يمكن قوله هو: الحكومة لم تولَد بعد. *** رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يريد للحكومة أن تولَد قبل الثلاثاء المقبل، وفي حال لم يتحقَّق هذا الهدف فإنَّ منصَّة العرض العسكري في عيد الإستقلال ستكون عليها أربع كراسٍ رئاسية، فبالإضافة لكرسي رئيس الجمهورية وكرسي رئيس مجلس النواب، هناك واحدة للرئيس المكلَّف وأخرى لرئيس حكومة تصريف الأعمال. طبعاً لا أحد سيُحب هذه الصورة، لأنها ستُذكِّر بحكومة الشغور أو حكومة الفراغ التي دامت عامين ونصف عام وكانت كالكابوس بالنسبة إلى اللبنانيين، من هنا فإنَّ كلَّ الجهود تتركَّز على أن تكون الكراسي على العدد فلا زيادة ولا نقصان. ولكن هل المسألة بهذه البساطة؟ كلُّ المؤشرات تدلُّ على أنَّ تظهير التشكيل ما زال عويصاً، فالزيارة الثالثة التي قام بها الرئيس المكلَّف سعد الحريري لقصر بعبدا مساء الاربعاء، كانت على خلفية عرض التعقيدات أكثر مما كانت مؤشراً إلى قرب ولادة الحكومة. لماذا؟ ما زالت القوى على مواقفها: منهم ما زال متمسكاً بما حصل عليه من اليوم الأول، ومنهم مَن أعطى وعوداً لحلفاء وما زال على وعوده. إذاً، في ظلِّ هذه الهجمة على الإستيزار، كيف لهذه الحكومة أن تولَد؟ خارج هذا السياق، لا بدَّ من تسجيل سلسلة من الملاحظات على آلية التشكيل، فهذه الآلية غامضة، إذ ليس في الدستور ما يشير إلى آلية التشكيل بل هناك كلام مبهم وعام، ما يجعل التشكيل عملية مستعصية في كثير من الأحيان، إلا إذا كانت هناك قوة قاهرة تفرض التشكيلة على الجميع. في الحالة التي نحن فيها اليوم، لا قوة قاهرة تفرض أيَّة تشكيلة، ولذا لا إمكانية للتقدم سوى بالتفاوض خصوصاً على ما يجب أن يُعطى للحلفاء وليس للأطراف الرئيسية. فالنائب وليد جنبلاط يرغب في العودة إلى وزارة الصحة، بعدما وجد أنَّ وزارة الشؤون الإجتماعية لا خدمات فيها على أبواب الإنتخابات النيابية. ورئيس مجلس النواب نبيه بري يرغب في إعطاء حقيبة وازنة لرئيس تيار المردة، لكن رغبته تصطدم بالمكونين المسيحيين، إذ كيف يُعطى حقيبة وازنة وهو غير ممثل بمجلس النواب سوى بثلاثة نواب؟ وثمة مَن يقول إنَّه لو انتُخِب رئيس تيار المردة رئيساً للجمهورية لكان لديه في مجلس النواب نائبان فقط. *** إنطلاقاً من كلِّ هذه المعطيات، قد تبقى على منصة العرض العسكري أربع كراسٍ، إلى أن يثبت العكس قبل مساء الإثنين المقبل.

الهام سعيد فريحه