Elham Freiha
ابحث عن المقال
الجبهات المشتعلة لا توحي بقرب ولادة الحكومة... إلاّ إذا
١٩ كانون الأول ٢٠١٦

يبدو أنَّ أحداً لم يتجاوز بعد ما حصل في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 31 تشرين الأول الفائت، يومذاك جرى امتحان صبر المرشَّح الوحيد العماد ميشال عون بالمغلفات الزائدة، ولولا رباطة جأشه لكان ساد الهرج والمرج وطارت الجلسة. وحتى بعد عملية الإنتخاب، ألقى رئيس المجلس نبيه بري خطاباً لم ينزل برداً وسلاماً على مسمع الرئيس المُنتخب العماد ميشال عون. وصف الرئيس بري في خطابه العماد عون بأنَّه أحد أركان شرعية البرلمان الذي اقترع له. في هذه الجملة كان الرئيس بري يريد أن يردَّ على ما درجَ العماد عون على قوله بأنَّ مجلس النواب غير شرعي، بعد التمديدين له. صحيحٌ أنَّ الرئيس المُنتخب صفَّق لكلمة الرئيس بري آنذاك، ولكن على مضض، ومرَّت الجلسة ولاحظ الجميع الود المفقود بين الرئيس المنتخب ورئيس المجلس. لم يُرمِّم لقاء الإستشارات النيابية المُلزمة ولقاء التكليف بين الرئيس عون والرئيس بري في بعبدا، هذه العلاقة الباردة، فظلَّ التباعد قائماً، خصوصاً بعدما كان يصل إلى عين التينة أنَّ العماد عون يريد المداورة في الوزارات السيادية ولا سيَّما في وزارة المال، لكن الرئيس بري تمسَّك بالمالية باعتبار أنَّ وزير المال يضع توقيعه إلى جانب تواقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص، هكذا يكون هناك توقيع الثنائي الشيعي إلى جانب التوقيعين الماروني والسنّي. لمَن رفض هذا الأمر، أجابهم الرئيس بري: هذا ما ورد في محاضر الطائف، وإذا أردتم التأكّد إسألوا الرئيس حسين الحسيني. في زيارته الثالثة لقصر بعبدا، مساء الأربعاء الماضي، حمل الرئيس المكلَّف سعد الحريري مغلفاً تضمَّن تشكيلة حكومية من 24 وزيراً، إطَّلع عليها العماد عون فوضع ملاحظاته وطلب من الرئيس الحريري أن يتركها عنده للمزيد من الدرس، وكان من المنتظر أن يتمَّ الإتصال بالرئيس نبيه بري لاستمزاج رأيه، لكنَّ شيئاً ما حصل ولم ينضم رئيس المجلس إلى اللقاء الثنائي في بعبدا، وغادر الرئيس الحريري القصر مكتفياً بالقول انشالله خير. صباح اليوم التالي توجَّه الرئيس عون إلى الصرح البطريركي في بكركي، في أول زيارة له خارج القصر، ألقى كلمة تطرَّق فيها إلى أسباب ما وصل إليه البلد، فغمزَ من قناة الرئيس بري قائلاً: إنَّ جميع مؤسساتنا أصيبت بالوهن بسبب التمديد المتمادي لمجلس النواب. لم تمر كلمة الرئيس عون على خير، إذ ما إنْ بلَغ رئيس مجلس النواب نبيه بري ما قاله الرئيس عون حتى ردَّ باقتضاب قائلاً: إنَّ تعطيل انتخاب الرئيس كان أسوأ على المؤسسات، من التمديد، بما في ذلك مجلس النواب. لم يقتصر الأمر على السِجال بين الرئيس عون ورئيس المجلس، بل توسَّع نطاقه ليشمل بكركي والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، فالبطريرك الراعي الذي سبق أن رفض أية سلة تفاهم قبل الإنتخابات، عاد وذكَّر بها من خلال قوله: لا يجوز استبدال سلة الشروط بصيغ التشبث بحقائب وباستخدام الفيتو من فريق ضد آخر، وهذا مخالف للدستور. الرئيس بري لم يشأ الردَّ من عين التينة، فجاء الردُّ من الشيخ عبد الأمير قبلان نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي برّر السلة بقوله في بيانه: طرحنا ضرورة انجاز تفاهمات ضمن سلة حل، لتجنب أزمات نحن بغنى عنها. في هكذا أجواء، كيف تُشكَّل حكومات؟ لا إنطلاقة قريبة إلا بغسيل قلوب، وما من وسيط قادر على القيام بهذه المهمة. وبين استحالة غسل القلوب، والقلوب الملآنة، تتكدَّس المصاعب أمام تشكيل الحكومة... إلاّ إذا حصل ما لم يكن في الحسبان، ولكن أين هو؟ ومن أين يأتي؟ الناس بالإنتظار.

الهام سعيد فريحه