Elham Freiha
ابحث عن المقال
الرئاسة الجديدة... والعهد المنقوص
٢١ كانون الأول ٢٠١٦

حين بدأ الرئيس سعد الحريري رحلة الألغام، منذ تأييد ترشيح رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجيه، وصولا الى تأييد ترشيح رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، لم يكن قصده يقتصر فقط على ملء الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، بل الهدف اعادة تكوين السلطة بما يعني انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة ووضع قانون جديد للانتخابات النيابية واجراء هذه الانتخابات وملء الفراغ في ادارات الدولة ولا سيما في وظائف الفئة الأولى، وعندها يمكن القول ان اعادة تكوين السلطة قد بدأت. لكن ان يقتصر الأمر على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتتوقف عملية اعادة تكوين السلطة عند هذا الحد، فهذا يعني ان هناك عملية غير مكتملة، لا بل ناقصة جدا، وهي تشكّل ارباكا للسلطة بدل ان تكون اعادة تكوين لها. فخامة الرئيس ميشال عون قاوم بشراسة واقتناع وكِبرَ، وصوله الى سدة الرئاسة ليس طمعًا أو مزاحًا، فالذين لا يعرفون داخل هذا الانسان المترفع عن كل أمور الدنيا الا عن حلمين قضى عمره ليحققهما. الأول: رئاسة الجمهورية اللبنانية الثاني: ايصال اكبر عدد وانظف واكفأ وانشط وزراء من الاصلاح والتغيير كما من حصته، ليقضي من خلالهم على الفساد المتفشّي والهدر، كذلك محاسبة الحاضر القريب، لانه يدرك تماما ان صلاحيات رئيس الجمهورية من بعد الطائف تقلصت الى: يتسلم اوراق اعتماد السفراء المعتمدين. يستقبل رؤساء الاجهزة الأمنية والهيئات القضائية والرقابية. يستقبل الوفود الديبلوماسية المهنئة. يترأس الاحتفالات الوطنية كاحتفال عيد الاستقلال غدا. يلبّي دعوات للسفر الى الخارج: من الفاتيكان الى المملكة العربية السعودية الى غيرهما من الدول. لذلك لن يرضخ فخامة الرئيس للمساومات ولا لتمرير حصص الى أي كان، لأنه بذلك يقضي على حلمه الثاني الذي وعد به شعب لبنان بتحقيقه منذ 26 عاما وهو: القضاء على الفساد وبناء دولة لبنان الحديثة. واذا لم يستطع الرئيس ميشال عون تحقيق ذلك، عندئذ لنودع اولادنا واحفادنا الى دنيا الاغتراب. في هذه الأثناء يكون رئيس الحكومة المكلف الرئيس الحريري يصارع مع الأطراف الداخليين والخارجيين من أجل تدوير الزوايا لتشكيل الحكومة، فيما رئيس حكومة تصريف الأعمال يكون في منزله يتولى مهام تصريف الأعمال في النطاق الضيق جدا. انها حالة فريدة من نوعها: عهد جديد، لكن مع رئيس حكومة مكلف ورئيس حكومة تصريف أعمال، وهذا الأمر من شأنه ان يضرب العهد في بدايته. فهل هذا هو المطلوب؟ وهل الحلحلة كانت تقتصر على انتخاب رئيس جديد للجمهورية ثم الدخول في نفق الانتظار مجددا؟ كل المؤشرات تدل على ان ما تبقى من ساعات حتى يوم الاستقلال، يحتاج الى مفاجأة كبيرة تقلب الأوضاع رأسا على عقب لتسهّل ولادة الحكومة، فهل يكون ذلك من خلال الانتقال مجددا من صيغة ال 24 وزيرا الى صيغة الثلاثين وزيرا لأرضاء جميع الأفرقاء؟ كل الاحتمالات واردة في ظل هذه الهجمة على التوزير، ففي المعلومات ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يريد حقيبة وازنة لحليفه رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجيه الذي يرضى بواحدة من هذه الحقائب: الأشغال، الطاقة، الاتصالات والصحة. لكن في المقابل فإن الاتصالات لتيار المستقبل والطاقة للتيار الوطني الحر والصحة للقاء الديمقراطي والأشغال للقوات، فكيف يمكن ارضاء المردة في هذه الحال وهم يرفضون حقيبة التربية أو أي حقيبة غير الاربع السابقة الذكر. معارضو الحكومة الثلاثينية يُصرون على حكومة ال 24 وزيرا لأنها برأيهم تكون خالية من الأثقال ومن الحمولة الزائدة فيستطيع قطار الحكومة الإقلاع بسرعة أكبر، لكن بعد كل الذي جرى، هل تلبّي الحكومة الرشيقة ارضاء الناس بعد طول غياب؟

الهام سعيد فريحه