وُصِف أسلوب إبن المقفَّع في كتابه "كليلة ودمنة" بأنه أسلوب "السهل الممتنع"، أي أنه حين نقرأه نجد أسلوبَه سهلاً لكن حين يحاول أحد تقليده يجده صعباً، ولهذا قيل عنه بإنه "سهلٌ وممتنع" أي أنَّه "ممتنع عن التقليد". وسرُّ "الخلطة اللغوية" عند إبن المقفَّع هو الإختصار. * * * وهكذا، وبعد أكثر من ألف ومئتي عام على "عصر إبن المقفَّع" تنبَّه جاك دورسي، مبتكر ومبرمِج "تويتر"، فعمد إلى تقليد إبن المقفَّع من خلال تشديده على أنَّ كلَّ تغريدةٍ على تويتر يجب ألا تتجاوز الـ140 حرفاً أي قرابة العشر كلمات، وهكذا يكون قد طبَّق "خلطة إبن المقفَّع" من دون أن يدري. لكن ما الذي أصاب "تويتر"؟ قرأتُ خبراً يقول إنَّ هذه الشركة تعمل على طريقةٍ لزيادة أحرف كل تغريدة بحيث تتجاوز الـ140 حرفاً. يا الله! ماذا دهاها؟ كيف تكتشف إبن المقفَّع منذ ألف ومئتي عام ثم تضرب ما اكتشفته لتعود إلى المطوَّلات؟ هل بلغها أنَّ المطولات هي اختصاصٌ عربي بامتياز وأنَّ معظم السياسيين العرب حين لا يكون لديهم ما يقولونه يعمدون إلى التطويل والمطولات؟ * * * رجاءً "تويتر" أبقِي على "خلطة إبن المقفَّع" لا تتورطي في لوثة المطولات، إذ يكفينا ما نعاني منها.