Elham Freiha
ابحث عن المقال
الناس بانتظار ولادة الحكومة في مطلع شهر الاعياد
٢٦ كانون الأول ٢٠١٦

كم هو مُحبِطٌ ومؤذٍ وسلبيٌّ أن يبدأ التحليل بقراءةٍ في السلبيات وينتهي بخلاصة عن السلبيات. وكم هو سيئ أن يُدرِك القارئ أنَّ مصطلحات العودة إلى النقطة الصفر، والعودة إلى المربَّع الأول، والألغام ما زالت مزروعة، والعراقيل ما زالت قائمة، كتدليل على أنَّ تشكيل الحكومة ما زال عند خط البداية. وكم هو مُحزنٌ أن يبدأ المواطن، وسريعاً جداً، بفقدان الزخم الذي تحقَّق بإجراء الإنتخابات الرئاسية وبانتخاب العماد ميشال عون، تحديداً، رئيساً للجمهورية. كلُّ ما سبق صحيحٌ، ولأنَّه كذلك، فإنَّ الواقعية تفترض تسميته كما هو: تيار المردة يريد حقيبةً من ثلاث: إما الطاقة أو الإتصالات أو الأشغال، ومن دون هذه الحقائب لا يشارك في الحكومة وينتقل إلى صفوف المعارضة. رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يشارك في حكومة لا يكون فيها تيار المردة. كما أنَّه يرفض أن يُسمِّي رئيس الجمهورية الوزير الشيعي الخامس ويتمسك بأن يكون من الحزب السوري القومي الإجتماعي وقد عُرِف الإسم. الرئيس المكلَّف سعد الحريري يحاول إقناع تيار المردة بأن ينال حقيبة التربية بدل واحدة من الحقائب الثلاث التي يطالب بإحداها. رئيس الجمهورية لا يُحبّذ إعطاء واحدة من الحقائب التي يطالب بها تيار المردة. *** هذه عيِّنة تؤكِّد بما لا يقبل الشك أنَّ سباق التشكيل يراوح مكانه وأنَّ ليس في الأفق ما يؤشِّر إلى أنَّ الحلحلة سارية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا لو قرَّر رئيس الجمهورية إصدار التشكيلة بمَن حضر أو بمَن قبِل؟ هذا السيناريو يحتاج إلى موافقة رئيس الحكومة المكلَّف، فهل يُقدِم الرئيس الحريري على الموافقة؟ ولنفترض أنَّه وافق، فكيف سيكون الوضع مع الرئيس نبيه بري الذي يرفض المشاركة من دون مشاركة تيار المردة؟ وفي حال لم يشارك الرئيس بري فإنَّ حزب الله لا يشارك أيضاً. *** إذاً احتمال إصدار مرسوم تشكيل الحكومة بمن حضر أو بمن قبِل غير وارد، ماذا يبقى من احتمالات ومن سيناريوهات؟ إما انتظار وساطات جديدة أو سيناريوهات جديدة، بعدما كادت أن تُستنفذ السيناريوهات. وإما الإستمرار في المراوحة والإنتظار. *** ما هي كلفة هذين السيناريوهين؟ في حال انتظار سيناريوهات جديدة، فهذا مضيعة للوقت لأنَّ كلَّ المخارج استُنفذت، وفي حال القبول بمنطق القبول بالشروط والشروط المضادة، فهذا يعني أنَّ التشكيل سيبقى معطلاً إلى ما شاء الله. *** أما سيناريو الإنتظار فهو أخطر ما يمكن أن يتحقق، لأنه يعني أنَّ الفراغ المستمر، مع فارق بسيط، وهو أنَّه أصبح هناك رئيس جمهورية في قصر بعبدا. ولكن في المقابل لم تعد هناك سلطة تنفيذية، لأنَّ الحكومة في وضع المستقيلة ولا تقوم سوى بتصريف الأَعمال. *** إذاً نحن أمام المشهد التالي: رئيس جمهورية جديد لكن لا قدرة له على القيام بأيِّ شيء، لأنَّ لا مجلس وزراء بين يديه يستطيع أن يمارس السلطة من خلاله. رئيس حكومة مكلَّف لكن لا قدرة لديه على القيام بأيِّ شيء، لأنَّ لا حكومة بين يديه. رئيس حكومة مستقيل وحكومة تُصرِّف الأعمال بالحدِّ الأدنى والضيّق. *** نحن الناس نتمنى أن تبصر الحكومة النور اليوم قبل الغد، لأنَّ الإنتظار مُضنٍ.

الهام سعيد فريحه