Elham Freiha
ابحث عن المقال
الرئيس الحريري وأولوية حاجات البلد والناس... في التوزير
٣٠  كانون الأول ٢٠١٦

حين أيَّد الرئيس سعد الحريري ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجيه، قيل إنَّ هذا التأييد للترشيح سيجعله يخسر خمسينَ في المئة من مؤيديه ومناصريه. وحين تردد أنّه سيؤيد ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، قيل إنَّ هذا التأييد للترشيح سيجعله يخسر الخمسين في المئة المتبقية من مؤيديه ومناصريه. الزعيم الشاب، وإنْ كان يستمع إلى الملاحظات، فإنه كان يردد في نفسه دائماً: لبنان أولاً، فعند محاولات إنقاذ لبنان تسقط الإستطلاعات والإحصاءات لأنَّ التاريخَ لا يحفظ سوى خطوات الإنقاذ. *** يتصرَّف الرئيس سعد الحريري انطلاقاً من هذا المبدأ ومن مبدأ أنَّ الزعيم الحقيقي هاجسه الوحيد الناس. هكذا، يقودُ ولا ينقاد، ولو لم يكن كذلك لَما كان تجرَّأ على تأييد ترشيح رئيس تيار المردة، ولَما كان أيّد لاحقاً ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح، ولكان البلد اليوم ما زال واقعاً تحت وطأة الفراغ والشغور والإهتراء. وللتوضيح، فإنَّ الفراغَ حصل دستورياً منذ أيار 2014، لكنه عملياً بدأ مع التعثر المتلاحق لتشكيل حكومة الرئيس تمام سلام. هذا التشكيل لم يحصل إلا عندما تيقَّن الجميع أنَّ البلد مقبلٌ على عدم إمكانية انتخاب رئيس. وعليه، فإذا أضفنا السنتين والنصف سنة من الفراغ الدستوري إلى سنة بين التعثر في تشكيل الحكومة وبدء مقاطعة رئيس الجمهورية في آخر ولايته، نكونُ عملياً أمام فراغ دامَ لنحو أربع سنوات. *** هذه الحقائقُ يعرفها الرئيس المكلَّف سعد الحريري، لذا فهو يسابق الزمن لمعرفته الأكيدة بأنَّ البلدَ لم يعد يستطيع تحمُّل المزيد من الفراغ والشغور. وللمنتقِدين ومسجِّلي الملاحظات يأتي الرد: هل استطاع الرئيس سعد الحريري إيصال أحد مرشحي 14 آذار إلى بعبدا وتوانى؟ ألا يتذكَّر مسجِّلو الملاحظات والمنتقدون أنَّ 14 آذار حققت فوزاً ساحقاً في الإنتخابات النيابية عام 2009، كما عام 2005، لكنها لم تستطع صرف أو تسييل هذا الفوز؟ *** اليوم وصلنا إلى هنا، فماذا نفعل؟ الرئيس المكلَّف يُقدِم ولا يتهوَّر، والتهور له مفهوم كبير في السياسة اللبنانية وزواريبها، يحسب كل الحسابات قبل الإقدام على أية خطوة قد لا تؤدي ما هو مطلوبٌ منها. لا تعنيه الإنتصارات الشخصية، ولأنّه كذلك فإنّه يحاول تدوير الزوايا للتوصل إلى حلولٍ وسط ومخارجٍ وسط. الرئيس المكلّف يُدرِك أنَّ أية خطوة ناقصة، أو كما يُقال دعسة ناقصة ستُطيح كل الإنجازات التي تحقَقت حتى الآن... يعرفُ تماماً نبضَ الشارع ويعرف تماماً حاجات الناس. بالنسبة إليه، الكلام المفيد هو اكتفاء الناس لا حقائب الوزراء. بالنسبة إليه وزارة البيئة سيادية بامتياز، طالما أنَّ البلد يعيش تحت احتلال النفايات، والوزير الذي سيتولى حقيبة البيئة سيكون بطلاً إذا ما أعاد سيادة النظافة وحرر البلد من احتلال النفايات. بالنسبة إليه، وزارة الإقتصاد سيادية بامتياز، طالما أنَّ البلد ما زال يعيش تحت رحمة المواد الغذائية الفاسدة والمنتهية الصلاحية، والمطلوب من وزير الإقتصاد الجديد أنْ يحرر الأسواق من هذه المواد. بالنسبة إليه، وزارة الطاقة سيادية بامتياز، لأنّها مسؤولة عن توفير الكهرباء للناس، لإخراجهم من نير احتلال أصحاب المولِّدات. *** هكذا ينظر الرئيس المكلَّف، الرئيس الشاب، إلى الوزارات، فمفهوم الحقائب السيادية والأساسية والثانوية لديه، مختلف عن تفسيرات الآخرين، فهل يواكبونه في هذه المفاهيم الجديدة لإنقاذ البلد والناس قبل التفكير في توزير هذا أو ذاك؟

الهام سعيد فريحه