Elham Freiha
ابحث عن المقال
بكل أمانة ... نريد لعهد عون - الحريري أن ينجح
٢٠ شباط ٢٠١٧

المشكلة ليست في المواطن اللبناني الذي عانى الأمرَّين في الحروب ويعاني الأمرَّين في السلم، ويدفع أغلى أثمان الخلافات السياسية بين السياسيين، وغالبًا ما يذهب فرق عملة ثمن طموحاتهم التي ليست طموحات الناس. المواطن يعاني: تقنينًا في الكهرباء شحًا في المياه أزمة في المستشفيات، بين نقصها وتراجع خدماتها وتلويح بعضها بالإقفال أزمة في النفايات: فالكوستا برافا سيُقفَل بعد ثلاثة أشهر، بقرار قضائي، ومطمر برج حمود موقت، فهل تعود النفايات الى الشارع؟ الأقساط المدرسية زيدَت في الفصل الثاني على السكت فلا أحد تحرّك، وأي تحرك يجري يَطلَع برأس الأهالي. الطرقات وما أدراكم ما يتحمله المواطن من اعوجاج حتى ما من مواطن إلاّ ويُقاسي الآلام في ظهره. *** مع ذلك، يقول المواطن: لا بأس، فالعهد ما زال في أوله والحكومة ما زالت في شهورها الاولى، ولا يجوز تحميل سبعة وعشرين عامًا لعهد ليس له في الحكم سبعة وعشرين اسبوعًا، والأمر عينه يُقال عن الحكومة. لكن المواطن، وإن كان لا يريد إنجازًا الآن، فإنه يريد أملاً بالإنجاز، وما يراه يوميًا يقلل من منسوب الأمل ويرفع منسوب الإحباط. لذا هو يطرح الصوت من الآن لأنه يريد لعهد الرئيس عون أن ينجح ولحكومة الرئيس سعد الحريري أن تُنجز. *** هناك ثلاثة أصوات ترتقي الى مستوى العقدة، وقد حصلت الاسبوع الفائت: الأول: الكلام الكبير الواضح ضد الدول العربية الخليجية المعنية بلبنان على أقلّه بأمرين مهمين: 1- احتضان مئات الآلاف من اللبنانيين مع عائلاتهم الذين هم ركائز الاقتصاد إذ ان دخلهم يُحوّل إلى أهلهم في لبنان. 2- عدم السماح لمواطنيهم بالمجيء الى لبنان، حيث مجمل القطاعات كانت تعيش وتزدهر وتنمو خاصة السياحية منها التي هي نفط لبنان. الثاني: توقيع وزير الداخلية نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة. الوزير المشنوق ملتزمٌ القانون، وتوقيعه مرسوم دعوة الهيئات الناخبة يأتي في سياق التزامه القانون، لكن كي يصبح هذا المرسوم نافذًا يجب أن يقترن بتوقيعي رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية. *** الحدث الثالث بدء مجلس الوزراء دراسة ارقام الموازنة، وهي أرقام مخيفة لأن ليس هناك توازن بين الإنفاق والايرادات، ومن باب الحرص نقول، ما لم يقترب التوازن بين الإنفاق والايرادات فإنّ الوضع النقدي والاقتصادي يتجه الى مزيد من التعقيد والصعوبات، فإذا كان مستحيلاً في الظروف الراهنة رفع منسوب الإيرادات، فلماذا يكون صعبًا خفض الإنفاق، وأبواب الخفض كثيرة، وبحثها يأتي في مراحل لاحقة، ولكن الآن ماذا عن أرقام الموازنة المخيفة؟ *** المطروح سلّة كبيرة من الضرائب، لكن المُحبِط في الموضوع ان عائدات هذه الضرائب لن تذهب الى مشاريع منتجة بل ستذهب الى الرواتب والاجور التي تتضمن أيضاً أعباء هائلة أبرزها معاشات التقاعد والتعويضات للنواب ولغيرهم. ان الضرائب المقترحة تؤدي نظريًا الى جباية ملياري دولار يذهب ثمانون في المئة منها على الرواتب والأجور. *** هذا الرقم المرتفع جدًا سببه ان التوظيف في إدارات الدولة بات يأخذ منحى تصاعديًا من دون الشفقة أو الرحمة للخزينة. والحكومات المتعاقبة لم تعمد الى وقف التوظيف أو حتى خفض أعداد الموظفين، بل استمرت في التوظيف. موازنة العام 2017 تلحظ توظيفات من 350 موظفًا جديدًا الى اضافة نحو 1200 استاذًا الى وزارة التربية. هذه عيّنة قليلة، علمًا ان نص الموازنة يلحظ توظيفات اضافية، لذا المطلوب نشر الموازنة لتتم مناقشتها من المختصين والرأي العام والنخب، لأنها مسألة تتعلق باستراتيجية البلد. على سبيل المثال لا الحصر، هل وُضِعَت دراسة شفافة عن واقع الموظفين في الدولة لتبيان الحاجات قبل التوظيف؟ ان ما يؤدي الى الإحباط أيضًا ان التوظيفات تأتي بخلفيات سياسية وشخصية وليس وفق الحاجات. *** الخطر الثاني في أرقام الموازنة ان الايرادات الواردة قد لا يتم تحصيلها، فهي واردات نظرية، والجميع يعلم حجم التهريب القائم ولا علاج له على رغم كل المحاولات. أما الخطر الأكبر فهو ان الإنهماك بقانون الانتخابات قد يطيح بدرس الموازنة، فهل تعود القاعدة الاثنتي عشرية مع ما تعني من فوضى في الإنفاق. الخزينة فارغة، فمن أين ستُنفقون؟ أما كيف يتم التوفير، إذا تعثّر التحصيل؟ فللبحث صلة...

الهام سعيد فريحه