Elham Freiha
ابحث عن المقال
وجود رئيس الجمهورية يعيد الوزن والتوازن والثقة
٢٨ أيلول٢٠١٥

إذا كان موقع رئاسة الجمهورية على هذه الدرجة من اللاأهمية والتهميش، فلماذا البلد مكربج منذ 25 أيار 2014 تاريخ بدء الشغور في موقع رئاسة الجمهورية؟ وإذا كانت السلطة الاجرائية تُناط بمجلس الوزراء مجتمعا، فلماذا لم تكن هذه السلطة منتجة في غياب رئيس للجمهورية؟ الذين يتباكون على صلاحيات رئيس الجمهورية، بعد الطائف، هل كفكفوا الدمع بعدما اكتشفوا ان موقع رئيس الجمهورية أهم مما يعتقدون؟ هل ادركوا ان البلد يعيش منذ خمسمئة يوم في حالة فقدان التوازن، ونكاد نقول فقدان المناعة بسبب عدم وجود رئيس للجمهورية؟ هذه الحقيقة المرة آن للبنانيين ان يعرفوها وأن يتعرَّفوا عليها وان يتعرَّفوا على ان المسألة لا ترتبط ببند في دستور ولا بمادة في قانون بل بشخص الرئيس وشخصيته، فالسياسة ليست دساتير وقوانين فحسب، انها قوة شخصية ونظافة كف وعقلية مؤسساتية وعندها تكون شخصية الرئيس هي الوازنة. منذ بدء ادارة الحكم وفق دستور اتفاق الطائف، لم يختبر اللبنانيون حقيقة رؤساء على قدر طموحاتهم، الرئيس الراحل الياس الهراوي عاكسته الظروف فحكم نصف عهده تقريبا في مقر موقت بعيدا من بيئته ومن مركز رئاسة الجمهورية، ومع ذلك استطاع تمرير عهده بأقل خسائر ممكنة. العهد الذي تلا جاء بأكبر اجماع وانتهى بأكبر انقسام، في هذا العهد اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسياسيون آخرون واعلاميون ورجال فكر. العهد الثالث بعد الطائف غاص في التسويات وأكثر منها، وقلل من المواقف. رغم ان هذه العهود الثلاثة لم تكن على قدر طموحات اللبنانيين وتطلعاتهم، فإن الجمهورية بقيت محافظة على الحد الادنى من التوازن الذي كان يوفره رئيس الجمهورية، ورغم كل شيء كان يشكل المرجع الذي لا مفر منه. اليوم تأكد الجميع ان رئيس الجمهورية حاجة لا يستطيع احدٌ نكرانها. خمسمئة يوم من دون رئيس للجمهورية، شعر اللبنانيون فيها بأنهم في حال يُتمٍ سياسي، فرئيس الجمهورية واجب الوجود في الجمهورية للاسباب التالية: يترأس جلسات مجلس الوزراء ويدير هذه الجلسات، والقرارات إما ان تؤخذ بالتوافق او بالتصويت، لا تعود هناك عقدة اسمها طريقة اتخاذ القرارات، ولا يعود كل وزير يعتبر نفسه رئيسا للجمهورية، ولا يعود أي وزير بامكانه تعطيل جلسات مجلس الوزراء. ماذا تعني هذه التجربة؟ تعني ان المطلوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية ليعود الانتظام الى السياسة والنظام الى البلد، وما دون ذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه من انعدام وزن وانعدام توازن وفقدان ثقة. فهل هذا هو المطلوب؟

الهام سعيد فريحه