كلمة السر في هذه الانتخابات الرئاسية هي ان ليس فيها كلمة سر، وأول مَن أدرك هذه الحقيقة هو الرئيس سعد الحريري، ولو لم يكن كذلك لما كان تباعا دعم ترشيح الدكتور سمير جعجع، ثم النائب سليمان فرنجيه، ثم العماد ميشال عون، فلو كانت هناك كلمة سر لكان التزمها من اليوم الاول وقضي الأمر. *** ثقافة الوحي وكلمة السر اعتاد عليها النواب اللبنانيون والسياسيون، ليس من اليوم، بل منذ الاستقلال وحتى منذ اعلان دولة لبنان الكبير منذ مئة عام، وليس في استحقاق رئاسة الجمهورية فقط، بل حتى في رئاسة الحكومة: في مطلع تسعينيات القرن الماضي، وقبل استشارات التكليف، نطق الرئيس الراحل عمر كرامي بثلاث كلمات كانت كافية ليعرف الجميع من سيكون رئيس الحكومة الجديد. الكلمات الثلاث هي: هبّت رياح الحريري. الرئيس رينيه معوض كان معروفا انه سيكون رئيس الجمهورية حتى قبل ذهاب النواب اللبنانيين الى الطائف. احيانا، كانت كلمة السر تأتي علنية، الرئيس الراحل حافظ الاسد، وفي مقابلة مع صحيفة الاهرام المصرية، عام 1995 قال: توافق اللبنانيون على التمديد للرئيس الياس الهراوي. فكان هذا التصريح العلني بمثابة كلمة السر للتمديد للرئيس الهراوي. *** اليوم، ليس هناك شيء من هذا القبيل: هناك ثلاثة مرشحين، رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون، رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجيه، الورقة البيضاء، فلو كانت هناك كلمة سر لما كان هذا التنوع في الترشيحات. أكثر من ذلك، قد يتضاعف الضياع من خلال التذاكي والتشاطر اثناء عملية الانتخاب، من خلال استخدام بعض المسميات من مثل: ميشال فرنجيه، سليمان بك عون، العماد ميشال عون، سليمان بك فرنجيه، ورقة بيضاء، عون وبس، وغيرها وغيرها من الاسماء التي تؤشر الى من يمكن ان يكون انزلها لكنها تُعتبر لاغية. *** فبموجب المادة 12 من الفصل الثالث من النظام الداخلي لمجلس النواب، ورد ما يلي: تعتبر ملغاة كل ورقة تتضمن: - اسماء يفوق عددها المراكز المحددة في النظام، - أو تحتوي على علامة تعريف أو تمييز من أي نوع كانت، - أو تتضمن غير الاسم والشهرة مجردين، هل يمكن تطبيق هذه المادة في جلسة الاثنين؟ فإذا تم تطبيقها هناك فوضى عارمة، خاصة ان نوابنا الكرام الممدّد لهم لم يعتادوا الاقتراعَ الحرَّ، بل كانوا ينتظرون كلمة سرٍّ وما إلى هنالك، واليوم ليس هناك لا كلمة سرّ ولا إلى ما هنالك. والإثنين لناظره قريب.