Elham Freiha
ابحث عن المقال
المطلوب قانون إنتخابات على قياس المشاريع لا الأشخاص
19 نيسان 2017

هناك فرق كبير بين السياسيين والناس: السياسيون يريدون قانون إنتخابات، إمَّا لإعادة الحاليين منهم نواباً، إلى مجلس النواب، وإما لإيصال مَن هم غير نواب، إلى ساحة النجمة. الناس يريدون قانون إنتخابات يتيح إيصال مَن يحمل برنامجاً ويعمل على تطبيقه إذا وصل، أو على الأقل إلى محاسبة الحكومات في حال لم تلتزم هذا البرنامج. *** السياسيون يريدون قانون إنتخابات يتيح أرقاماً زرقاء لهم ولزوجاتهم وأبنائهم، ويتيح لهم سيارة معفية من الرسوم الجمركية، ومكتباً مجانياً في ساحة النجمة وراتباً مدى الحياة، وحتى ما بعد الحياة، ومخصصات سفر وتمثيل وتأمين مجاني، وكلُّ ذلك من أجل عدم المشاركة في الحياة التشريعية وفي محاسبة الحكومة. الناس يريدون قانون إنتخابات يوصِل إلى الندوة البرلمانية نواباً يعرفون الملفات التي تهمُّ الناس، فإذا طُرح ملف النفايات يعرفون كيف يُشرِّعون فيه، وإذا طُرِحَت الموازنة يعرفون بنود الهدر فيها، وإذا طُرح ملف الأدوية يعرفون كيف يُشرِّعون بين التصنيع والإستيراد. *** السياسيون يريدون قانون إنتخابات يوفِّر استمراريتهم واستمرارية أبنائهم من بعدهم، والناس يريدون قانون انتخابات يؤمِّن وصول الأحسن والأَعلَم للتشريع ولتحديث القوانين. *** السياسيون يريدون قانون إنتخابات يوفِّر لهم سلطةً وغطاءً لحشر أزلامهم وأنصارهم في الإدارات والوزارات، بصرف النظر عن كفاءاتهم وإمكاناتهم وقدراتهم. والناس يريدون قانون إنتخابات يتيح جعل الناس سواسية أمام فرص التوظيف، فلا إبن ست ولا إبن جارية في التوظيف. *** في مثل هذه الحالات، ماذا يجري في الدول التي سبقتنا في حضارة الديمقراطية؟ لنأخذ مثالاً على ذلك من فرنسا التي كانت أمنا الحنون. الدورة الأولى من انتخاباتها الرئاسية الأحد المقبل، فبماذا تضجُّ وسائل الإعلام الفرنسية عن المرشحين؟ وما هي الأسئلة التي يطرحها الفرنسيون عن المرشحين؟ مباشرة يبدأون بإلزامهم بتقديم برامجهم. يقارنون بين كل برنامج وبين أداء المرشح قبل أن يصبح مرشحاً وقبل أن يقدّم برنامجه، وهنا يتوسعون في البحث والتمحيص: ما هي مواقفه وطروحاته عن البيئة منذ خمس سنوات على الاقل، وليس عند إعلان ترشيحه. يقوم الفرنسيون بهذه المقارنات لأنَّهم يعرفون أنَّ هناك مكاتب متخصصة في الحملات الإنتخابية وفي إعداد البرامج الإنتخابية التي تكون في معظمها براقة وجذابة، لكنها في أغلب الأحيان لا تشبه المرشح. ما يشبه المرشح هو ممارساته قبل أن يكون مرشحاً. وعندها يتبيَّن ما هو صحيح في برنامج الحملة الإنتخابية وفي أداء المرشح. هكذا يتمُّ الإختيار على أساس برنامج الأداء للمرشح وليس على أساس برنامج مكتب العلاقات العامة. *** ما العائق أمام تحقيق هذا الأمر في لبنان؟ هنا تقع المسؤولية على الناخب بالدرجة الأولى: عليه ألا يؤخذ بالشعارات البراقة. عليه أن يتذكَّر تاريخ المرشح وماضيه، فإذا كان التاريخ والماضي غير مطابِقْين لتمثيل الناس في الندوة البرلمانية، فما على الناخب سوى رمي إسم هذا المرشح في سلة المهملات، بدل إسقاطه في صندوق الإقتراع. فإذا فعل يكون قد ساهم في انقاذ نفسه والناس من هذا المرشح الذي سيغلب طبع الماضي على تطبِّع الوعود البراقة، وإذا لم يفعل يكون عن سابق تصور وتصميم قد لُدِغ من الجحر مرتين.

الهام سعيد فريحه