Elham Freiha
ابحث عن المقال
مصرف لبنان بين الولاية والمهمة
17 أيار 2017

ليست المهل الإنتخابية وحدها هي التي تقضُّ مضاجع اللبنانيين، بل إنَّ المهل النقدية هي التي باتت تعنيهم أكثر من غيرها من المهل، إذ ما نفع الإستقرار السياسي، إذا تأمَّن، إذا لم يكن هناك استقرار نقدي؟ وهذا الإستقرار الأخير بات منوطاً بمصرف لبنان وبحاكم مصرف لبنان وبالعلاقة مع المصارف، وبعلاقة هؤلاء جميعاً مع ما يحاك في أروقة الكونغرس الأميركي من مسودة عقوبات على لبنان هي الثانية في سنتين، بعد الأولى في أواخر العام 2015، ولعلَّ الثانية هي الأقسى من الأولى لأنها أكثر شمولاً وأوسع وتطال شخصيات ومؤسسات ومصارف، ومن شأن تطبيقها توجيه ضربة موجعة للقطاع المصرفي اللبناني. *** ولأنَّ نجاح المؤسسات من نجاح الأشخاص فيها، خصوصاً إذا كانوا قياديين، فإنَّ صمَّام الأمان للإستقرار النقدي في لبنان بات مرهوناً بعاملين: الأول الإستقرار النقدي، والثاني حماية لبنان من تداعيات العقوبات، وهذان العاملان باتا مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ولهذا السبب رفع وزير المال علي حسن خليل إلى رئاسة مجلس الوزراء طلب التجديد لحاكم مصرف لبنان، الطلب جاء قبل ثمانٍ وأربعين ساعة من موعد جلسة مجلس الوزراء، فإذا ما تم التوافق على إدراجه على جدول الأعمال، يتم التجديد للحاكم اليوم الأربعاء، أما في حال عدم إدراجه فقد يتم في الجلسة المقبلة في قصر بعبدا. *** موضوع التجديد للحاكم لم يعد مجرد طلب، بل أصبح ضرورة. لقد وصفته وكالة رويترز العالمية بأنه ضامن للإستقرار النقدي في البلاد. في التنويه ذاته، نقلت الوكالة عن الحاكم أنَّ لدينا وضع مستقر مما لا يستدعي أية عمليات خاصة، ولدينا استراتيجيات مختلفة يمكن تطبيقها. *** هذا في التحدي الداخلي الذي يُفترض أن يتبلور قريباً وسريعاً، أما في التحدي الخارجي فإنَّ كلَّ المعطيات تشير إلى فرادة الحاكم في مفاوضة الأميركيين في موضوع مسودة العقوبات، فهو، بحسب المفاوضات الأولى التي أعقبت العقوبات الأولى، يعرف كيف يدخل على عقول المسؤولين الأميركيين في وزارة الخزانة الأميركية ويتمتع بثقة لدى الجانب الأميركي في الشأن المصرفي. أما سبب الإلحاح فيعود إلى تهيب الموقف بعد التقرير الذي رفعه نائب الحاكم محمد بعاصيري، بعد مفاوضاته في واشنطن، وأطلع جمعية المصارف ولجنة الرقابة على المصارف على مضمونه غير المريح. تقرير نائب الحاكم دخل في العمق وفي التفاصيل إلى درجة أنَّه لم يستبعد إدراج أسماء ستشكل صدمة وستفاجئ الجميع. خصوصاً أنَّ مسودة العقوبات تطلب تعهداً من المصارف السماح بالإطلاع على حسابات أسماء سترد في اللوائح. *** هكذا يكون التلازم قائماً بين التجديد للحاكم ومهمته الصعبة في واشنطن، فهل تكون باكورة ولايته الجديدة إنقاذ القطاع المصرفي من أكبر الألغام التي يمكن أن تفجِّره؟

الهام سعيد فريحه