Elham Freiha
ابحث عن المقال
جبل الراعي والإحتضان الجنبلاطي الإرسلاني
١٤ أيلول٢٠١٥

حاملاً شعار الشركة والمحبة الذي انتقل من شعار إلى حقيقة، ويجوب فيه في كل الربوع اللبنانية وفي المغتربات، حط البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الجبل، متفقداً من كثب أبناء رعيته، ومستطلعًا أحوالهم، وداعيا إياهم الى التمسك بأرضهم في الجبل، جبل كمال جنبلاط ومجيد ارسلان وكميل شمعون، وغيرهم وغيرهم من الرجالات. رسالة واحدة في كل مكان وزمان، انها رسالة بكركي حيث الكاردينال الراعي مؤتمن عليها، انها الرسالة التي ضمّنها سيد بكركي كلماته التي ألقاها في كل محطة من محطاته، فهو سأل كيف يتمكن ان يصمد بيت من غير سقف، فهذا غير مقبول، هذا الكلام بات هاجساً لدى الكاردينال الراعي حيث يحمله أينما حلَّ وفي أي موقف اتخذه. الكاردينال الراعي لم يُخف العراقيل التي تقف في وجه الوطن، فهو شرحها في كل محطاته حيث يقول: نعيش اليوم أزمة شركة ومحبة وثقة وتضامن واحترام متبادل. لبنان يمر بحال مرض ولكنه لن يموت، وهو سيشفى بالارادة الوطنية الطيبة بالذين يخلصون للبنان ويضعونه اولا وآخرا، الذين يحملون الجمهورية، اولا السقف الاساس هو الدولة، الجمهورية، الشعب والمؤسسات. لكن هل يكفي ان يقول الكاردينال الراعي هذا الكلام؟ وهل من يلاقيه في منتصف الطريق؟ في الجبل هناك كثر ويأتي في المقدمة النائب وليد جنبلاط في المختارة، والمير طلال ارسلان في عاليه وخلده، فالبيتان العريقان، الجنبلاطي والإرسلاني يتمتعان بعلاقات وثيقة وشفافة وصادقة مع الصرح البطريركي في بكركي، ويتذكّر الجميع المصالحة التاريخية التي حصلت منذ خمسة عشر عامًا في الجبل، وتقريباً في مثل هذه الايام بالذات والتي دفع ثمنها السياديون والاستقلاليون تنكيل 7 آب على يد المنظومة الامنية التي كانت سائدة. بوابة انتفاضة الاستقلال كانت بدأت من بوابة خلدة حيث أصر المير طلال ارسلان على تكريم الكاردينال صفير من بوابة الجبل الساحلية، خلدة. بعد خمسة عشر عامًا يكاد التاريخ أن يعيد نفسه: التكريم من سيد خلدة المير طلال ارسلان الذي يؤكد العلاقة التاريخية بين الصرح البطريركي في بكركي والارسلانيين، هذه العلاقة مستمرة ودائما تجد من يحدِّثها ويعززها، يأتي في المقدّمة اليوم القيادي الشاب مروان خير الدين ذو اليد البيضاء في تقريب الأفكار بين خلدة ومختلف المرجعيات، انه العقل المدبِّر ومهندس العلاقات الايجابية وميزته انه يعمل بصمت، لقناعته بأن مشكلة البلد اليوم تكمن في كثرة الكلام وقلة التفكير، فأراد ان يعيد العمل السياسي الى اصوله لجهة الاكثار من التفكير والاقلال من الكلام. ان جولة الكاردينال الراعي في الجبل، وتحديدًا في عاليه، من شأنها ان ترسخ السفينة اللبنانية على شاطئ الأمان على رغم ما يضربها من أعاصير تبدأ بالسياسة ولا تنتهي بالنفايات. الكاردينال الراعي توَّج جولته في قضاء عاليه بزيارة بيت الزعامة الإرسلانية في خلده حيث كرَّمه المير طلال إرسلان بما هو مشهود لهذه الزعامة ولبني معروف، فأقام له عشاء تكريميًا حيث امتلأت باحات قصر خلده بأكثر من خمسمئة شخصية من المشايخ الاجلاء والشخصيات العلمانية والمدنية والعسكرية أعاد لهذه الزعامة وهجها. المير طلال ارسلان تحدث بوجع الناس والهواجس السياسية فشخَّص معاناة أزمة النظام حيث اصبحت مؤسسات الدولة لا تقوم بواجباتها، والعجز الأكبر يتمثل في عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية. المير طلال تجرأ ليقول بالفم الملآن: هناك استحالة في اجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية، مخاطبًا الكاردينال الراعي بالقول: نأمل من نيافتكم ان تواصلوا الجهد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية إذ لا تكتمل صورة النظام الا بوجود رئيس على رأسه، وتكون صلاحياته كاملة غير منقوصة. وآن للبنانيين ان يدركوا انه لا ينفع انتظار الخارج لانتخاب رئيس بل ان تتضاعف الجهود الداخلية لتحقيق هذا الاستحقاق.

الهام سعيد فريحه