Elham Freiha
ابحث عن المقال
قراءة في وثيقة بعبدا والعبرة في تنفيذها حكومياً
27 حزيران 2017

ضربة معلم... هذا التوصيف يمكن إعطاؤه إلى الإجتماع الذي عُقد في قصر بعبدا... ضربة معلم لأنَّه خرج بورقة كانت معدَّة سابقاً، وكلُّ ما حصل أنَّ المجتمعين ناقشوها وتركوا أمر تطبيق النقاط التي وردت فيها إلى الكيانات الدستورية القائمة، أي مجلس النواب ومجلس الوزراء وإدارات الدولة. وأهمية اجتماع بعبدا أنَّه حقق الأهداف والنقاط التالية: أولاً، المصالحة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجيه. جاءت هذه المصالحة بعد قطيعة بين بعبدا وبنشعي منذ ما قبل انتخابات الرئاسة في تشرين الأول الفائت، ولم تفلح كل المحاولات في إعادة وصل ما انقطع، إلى أن برز مخرجٌ ذكي يتمثل في دعوة رؤساء الكتل الممثلين في الحكومة. وبما أنَّ الوزير فرنجيه بينهم فإنَّ الدعوة تكون حكماً موجهة إليه، وسيكون من باب الإحراج أن لا يلبيها. *** ثانياً، حثُّ رؤساء الكتل على الطلب إلى وزرائهم في الحكومة تفعيل عملهم، خصوصاً في الملفات العالقة ولا سيَّما منها الملفات التي هي على تماس يومي مع المواطنين وقضاياهم. *** ثالثاً، سحب النقاط السجالية من التداول، خصوصاً في القضايا التي سبق الإتفاق عليها، فجاءت النقاط بطريقة مفصَّلة لا تترك مجالاً للإلتباس: فهناك بند رفض التوطين، المعلن أو المقنّع، كما هناك رفض لأية محاولة لتثبيت أية جماعة غير لبنانية على أرض لبنان، وكما نكافح الهجرة الخارجية القسرية لأبنائنا، نعمل على وقف الهجرات الداخلية، إن بالنزوح من الريف، أو بنقل سجلات القيد، بما يخلق غيتوات نفسية أو واقعية، تؤدي إلى كنتنة لبنان وقوقعة اللبنانيين. *** لم يغفل اللقاء في بعبدا عن قضية وردت في الدستور وفي خطاب القَسَم وفي البيان الوزاري، وهي ضرورة إقرار اللامركزية الإدارية في أقرب وقت ممكن. ويأتي هذا الإلحاح بسبب أهمية اللامركزية الإدارية التي تهدف إلى تثبيت اللبناني في مواطنه الأصلية، وتأمين حقه الكامل في الإنماء المتوازن على مساحة وطنه. *** أما سائر البنود فيمكن اعتبارها أنها بنود حثٍّ للحكومة من أجل أن تفعِّل دورها وتقوم به على أكمل وجه. وتأتي في مقدمة هذه البنود، الموازنة العامة التي يقتضي إقرارها أولاً تأميناً للإنتظام المالي للدولة، وكذلك خلق فرص العمل، وتحقيق الإنماء المتوازن. الجديد في الطروحات أنَّه تمَّ الإتفاق على لجنة إقتصادية وزارية دائمة من خلال برنامج زمني، تنفيذي ومموّل، لتأمين البنى التحتية اللازمة لنهضة الإقتصاد الوطني. بالإمكان اعتبار هذه اللجنة أنَّها ستكون المحرِّك لكلِّ الملفات الإقتصادية، التي يأتي في مقدمتها ملف الكهرباء، بعد الإلتباسات التي حصلت لجهة البواخر أو غيرها. ويبدو أنَّ اجتماع بعبدا حَسَمَ ما كان ملتبساً فتحدث عن تأمين الكهرباء 24/24 من خلال تنفيذٍ كاملٍ للخطة الحكومية والتي تؤدّي إلى إزالة أيِّ عجزٍ عن الدولة وتخفيض الكلفة الإجمالية عن المواطن. ومن الكهرباء إلى السدود حيث شدد البيان على ذلك من خلال الحفاظ على المياه كثروة استراتيجية للبنان وتأمينها عبر كافة الخطط الوطنية المقرّة وتنفيذ برنامج إنشاء السدود، وحمايتها والحفاظ عليها وتنظيف مجاري الأنهر. *** بالإمكان اعتبار بيان بعبدا صيغة محدَّثة للبيان الوزاري وإعادة قراءة له بطريقة مبسطة وعملية، وكان الإجتماع جردة تقييمية لأداء الحكومة بعد ستة أشهر من تشكيلها، لكن كل ذلك يبقى معلَّقاً على الأداء الحكومي حيث القرارات تصدر عن مجلس الوزراء لا عن أيِّ مجلسٍ آخر، والعبرة في التنفيذ، بدءاً من الأسبوع الذي يلي الأسبوع الطالع، باعتبار أنَّ لا جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، حيث أنَّ معظم المسؤولين الحكوميين يتوقع أن يكونوا على سفر.

الهام سعيد فريحه