Elham Freiha
ابحث عن المقال
"أبو العتاهية" وتهذيب النفوس
8 تموز 2017

كان "أبو العتاهية" من أعظم شعراء العرب، وقد لُقِّب بذلك لِما عُرف عنه من لهو، ثمَّ مال إلى التنسك والزهد، وانصرف عن ملذات الدنيا والحياة، وشغل بخواطر الموت، ودعا الناس إلى التزوّد من دار الفناء إلى دار البقاء. وكان في بدء أمره يبيع الجرار ثم اتصل بالخلفاء وعلت مكانته عندهم. وهجر الشعر مدة ثمّ عاد إليه، ومن عيون الشعر الذي تركه والذي يعبِّر عن حقيقة البشر: "وفرزُ النفوس كفرزِ الصُخُور ففيها النفيسُ وفيها الحجر وبعضُ الأنام كبعض الشجر جميلُ القوامِ شحيحُ الثمر وبعضُ الوعودِ كبعض الغيوم قويُّ الرعود شحيحُ المطر وكم من كفيفٍ.. بصير الفؤاد وكم من فؤادٍ.. كفيف البصر وخيرُ الكلام قليلُ الحروف كثيرُ القطوف بليغُ الأثـر". * * * ومن الأبيات الرائعة التي تركها: والنفسُ تَشْبَعُ أحياناً فيرجعها نحو المجاعة حبُّ العيش والبطر * * * هكذا كان يكتب الأقدمون الشعراء، وما أروع كتاباتهم، ففي أيامهم كان الشعرُ زهداً، وهل أفضل من أبي العتاهية ليُعبِّر عن هذا الزهد؟ ومن روائع ما كتب: "حَتّى مَتى لا تَرعَوي يا صاحِبي... حَتّى مَتى حَتّى مَتى وَإلى مَتى" * * * السؤال في معرض الشعر: لماذا لا يتمُّ تدريب الجيل الجديد على قراءة الشعر؟ ففيه تهذيبٌ للنفوس.

نادرة السعيد