Elham Freiha
ابحث عن المقال
قراءات بين ألغام المليارات للوزير علي حسن خليل
29 تموز 2017

لا يكتمل المشهد السياسي إلا باكتمال عناصر لوحة مفاتيح المعطيات والمعلومات من مصادرها المباشرة: مطلع الأسبوع تم رسم الجزء الأول من اللوحة من خلال المواقف اللبنانية التي صدرت في واشنطن، وأول من أمس اكتملت اللوحة من خلال المعطيات الغزيرة التي قدَّمها وزير المال علي حسن خليل للأستاذ مرسال غانم في برنامجه الحواري الأول كلام الناس. أهمية ما أدلى به وزير الخزانة اللبنانية أنَّه يشكِّل خارطة طريق للمالية العامة ليعرف كل لبناني، سواء أكان مواطناً عادياً أم صاحب شركة أم صاحب مصرف أم مسؤولاً في الشأن العام، كيف يبني على الشيء مقتضاه. وبسبب دفق المعلومات، لا بد من التعاطي مع ما أدلى على أنه وثيقة إثبات لِما هو عليه الوضع اليوم، وهذه الوثيقة لا بد من التعاطي معها بأعلى درجات الجدية والدقة، لأن وضع المالية العامة لم يعد يسمح بترف وجهات النظر، بل يتطلب تدقيقاً مبنياً على ما هو مثبت. يقول الوزير علي حسن خليل: هناك أكثر من 80% من الهبات والقروض غير مسجلة في لبنان! هذا كلام خطير جداً ويستدعي طرح جملة من الأسئلة حوله وحياله: منذ أي حكومة لم يتم تسجيل الهبات والقروض؟ ما هو حجمها؟ أين وجهة صرفها؟ يتردد أنَّ النسبة الكبرى من الهبات والقروض جاءت إثر حرب تموز 2006 أي منذ إثني عشر عاماً، فجاءت كل الهبات والقروض، وبناء عليه فإنَّ ما قاله وزير المال يستحق المتابعة ليتعرَف إلى أين ذهبت هذه الهبات والقروض، وليصبح من السهل تتبعها وتعقبها. هذا الوضع دفع بالوزير خليل إلى المتابعة: أنا أعترف أنّي قلت بأنني أنهي في آب مسألة قطع الحساب ولكن هناك ملفات كبيرة نكتشفها تباعاً، وهناك مراحل كثيرة تنقصها مستندات لإكمال مسألة قطع الحساب. يصل وزير المال إلى المكان الأكثر إيلاماً على الخزينة اللبنانية، فيكشف أنَّ أربعة مليارات دولار هي كلفة الكهرباء. وينطلق من هذا الرقم المخيف ليعترف بالحاجة إلى إعادة النظر بكلِّ الخدمات والتقديمات التي تقدمها الدولة. هذا يعني أنَّ الأكلاف عالية ومردودها من الخدمات منخفض. وفي معرض تبرير رفع الضرائب على الفوائد من دون استثناء أحد يقول: حاولنا استثناء الودائع الصغيرة في المصارف من ضريبة الفائدة ولكننا لم ننجح لأنَّ في لبنان سرية مصرفية. وتكتمل لوحة مفاتيح المعلومات حين يعرض الوزير الخليل مسألة العقوبات الأميركية، من دون مسايرة، فيقول الأمور كما هي، ومنها: العقوبات ستكون قاسية على لبنان. كلامٌ لا يحتمل أن يكون وجهة نظر، والمهم في كلِّ ذلك أن تتم قراءته بعينٍ ثاقبة وعقلٍ جديّ ليتمَّ التصرف وفق مقتضياته. نختم: شكراً لكم حضرات المسؤولين الكرام جميعاً من دون استثناء إلى أين أوصلتمونا، وصولاً إلى أجيال أحفادنا.

الهام سعيد فريحه