الصراع اليوم، بعدما أصبحت سلسلة الرتب والرواتب قانوناً، وبعدما أصبحت الضرائب الجديدة قانوناً، هو بين قدرة الدولة على تطبيق ما التزمت تطبيقه، وبين بقاء الأمور فالتة على غاربها، أي بين الإستخدام الصحيح لموارد الدولة وبين إستخدام مقدرات الدولة لمصالح شخصية. الإحتمال الأول يحتاج إلى نفضة رقابية لا تأخذ بعين الإعتبار شفاعة أحد ولا وساطة أحد، بل تضرب بسيف القانون وبسيف الهيئات الرقابية. في هذا المجال يفترض بالسلطة التنفيذية، كل وزير في نطاق وزارته، أن يعدّ العدّة لمواجهة المتربصين بالناس، ليشنَّ عليهم حروب التذرع بالضرائب لفرض الزيادات عليهم، ويبدو أنَّ المواجهة قد بدأت، ومن طلائعها ما أعدَّه وزير التربية مروان حمادة، في حمايته للأهل من زيادة الأقساط بطريقة عشوائية وفي الحفاظ على مستوى المدرسة. وفي هذا المجال، طلب الوزير حمادة فتح حوار بين المدارس والمعلمين ولجان الأهل لتدارك إنعكاس سلسلة الرتب والرواتب على الأقساط المدرسية. واقترح تكليف مدققين في المحاسبة للتدقيق في الموازنات السابقة للمدارس، وما إذا طرأت زيادات على الأقساط ونسبتها في الوقت الذي لم تكن فيه السلسلة قد أقرّت. وتمنى حمادة على وزير العدل سليم جريصاتي تعيين قضاة في اللجان التحكيمية للنظر في شكاوى لجان الأهل حيال زيادة الأقساط، في شكل يتجاوز التوازن بين كلفة السلسلة على المدارس والزيادات على الأقساط. وعُلِم أنَّه تمت الإستجابة لطلب الوزير حمادة. أداء الوزير حمادة، من شأنه سحب صاعق التفجير بين فئتين كبيرتين في المجتمع، فئة المدارس والأساتذة، وفئة الأهل. هذه العينة التربوية من الإجراءات يجب أن يتشبَّه بها كل وزير تحمل حقيبته صفة الحقيبة الخدماتية، هذا الجهد والتبصّر للمشاكل المرتقبة يجب أن ينطبق على ملفات أخرى. ومن الأمور التي يجب متابعتها بدقة، قضية الدوامات الجديدة للموظفين، على شرط تحسين الإنتاجية لا تمضية الدوام، وهذا الأمر منوط بكل الوزراء، ومن شأنه أن ينهي أسطورة إحتساب الساعات الإضافية التي كانت تصل أحياناً في كلفتها إلى أكثر من الرواتب، كما أنَّ التعطيل يوم السبت يوفر على خزينة الدولة كلفة وبدلات النقل والإنتقال. كل ذلك لا يعفي من الإسراع في إنجاز موازنة العام 2017 وإصدارها في قانون، وذلك بهدف تنظيم المالية العامة وإنتظام عملية الصرف التي من دون موازنة لا ضوابط لها. هذه عينة من الإجراءات التي يمكن القيام بها على طريقة إضاءة شمعة بدلاً من لعن الظلام.