Elham Freiha
ابحث عن المقال
سباق المسؤولين اللبنانيين بين تحديات البلد والمعالجات المطلوبة
7 أيلول 2017

إذا أراد اللبناني أن ينظر إلى الجزء الملآن من الكأس، لا إلى الجزء الفارغ، فإنه يجد أنَّ أموراً كثيرة تحققت وأنَّ أموراً كثيرة في طور التحقق وإن شابها الكثير من الصعوبات. فالمسؤولون يجوبون أقاصي الأرض بحثاً عن مساعدة أو دعم لئلا يُترَك هذا البلد وحيداً في خضم التحولات المتسارعة: رئيس الجمهورية سيرأس وفد لبنان إلى الأمم المتحدة في نيويورك، ليلقي كلمة لبنان في الدورة السنوية للجمعية العمومية لأعلى هيئة أممية في العالم. أما الشهر المقبل فسيكون في إيران تلبية لدعوة من قادتها. *** رئيس الحكومة سعد الحريري، وبعد الزيارة الناجحة لفرنسا حيث التقى الرئيس ماكرون ونظيره رئيس الحكومة وعدداً غير قليل من الوزراء، سيزور الأسبوع المقبل روسيا للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين. *** تأتي كل هذه الحركة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من أجل تحقيق الغايات التالية: لبنان في خضم تطورات عربية وإقليمية ودولية متسارعة، ولا بد من أن يُسمع صوته في كل المحافل سواء العربية أو الإقليمية أو الدولية. لبنان، بسبب هذه التطورات، يتحمَّل عبئاً كبيراً من مضاعفاتها ومفاعيلها، وفي مقدمة هذه المضاعفات والمفاعيل قضية النزوح السوري إلى لبنان، والسؤال الأكبر الذي يُطرَح على السلطتين التشريعية والتنفيذية: كيف ستتم مقاربة هذا الملف من النواحي التالية: المهلة التي ستُعطى لهم من أجل عودتهم إلى سوريا. تفاصيل وجودهم في لبنان لناحية فرص العمل والطبابة والإستشفاء وتعليم أولادهم، والمنافسة التي يواجهون فيها اللبنانيين لجهة الأعمال والحِرف وفتح المؤسسات التجارية التي تنافس اللبنانيين في عقر دارهم. هذا الملف هو الملف الأكثر إيلاماً بالنسبة إلى اللبنانيين والمسؤولين على حدٍ سواء، إذ منذ اندلاع الحرب السورية في آذار 2011، لم يكن بالإمكان إيجاد حل لهذه المعضلة، خصوصاً أنَّ الحدود بين لبنان وسوريا فيها الكثير من المعابر غير المضبوطة، وغالباً ما كان تهريب السوريين من سوريا إلى لبنان يتم عبر هذه المعابر، حتى وصل عددهم في لبنان إلى ما يفوق المليونَي نازح، وهكذا تفاعلت الأزمة. *** لو أنَّ أزمة النزوح السوري تمت إلى بلد متقدم صناعياً ومرتاح على مستوى الفائض المالي ولديه فرص عمل مقبولة لمواطنيه ويتمتع ببنى تحتية حديثة وغير خارج من حروب متتالية، لكان بالإمكان تحمل هذا النزوح، أما أن يكون هناك مليونا نازح في بلد أنهكته الحروب وينوء تحت أثقال مئة مليار دولار دين، وبنيته التحتية في وضع يرثى لها، وأبناؤه الجامعيون يهاجرون بحثاً عن فرص عمل، وأبواب السفارات الغربية في لبنان تشهد على ذلك، فهذا وضع لم يعد يُحتَمل، وصار مطلوباً أن تُعقَد المؤتمرات لئلا ينتهي الأمر بالنازحين السوريين أن نشهد نازحين لبنانيين من وطنهم إلى بلاد الله الواسعة، بسبب أزمة فرص عمل وأزمة توفير الحد الأدنى للحياة اليومية.

الهام سعيد فريحه