Elham Freiha
ابحث عن المقال
... ونال المغترب حقه في المشاركة في الحياة السياسية
25 تشرين الأول 2017

كان المغترب اللبناني معنياً بصندوق واحد، فأصبح معنياً بصندوقين. منذ أن شقَّ الإغتراب طريقه من لبنان إلى أصقاع الأرض، كان المغترب اللبناني حريصاً على أن يكون الرئة الثانية التي يتنفس عبرها المقيم، لولا هذا المغترب لكانت حياة المقيم أكثر صعوبة ولكان الأوكسيجين الداخلي غير كاف لملء رئتي الوطن. كان كل مقيم له سند في الخارج، تماماً كما كان لكل مغترب، كتفٌ يسند إليه رأسه في الداخل، وما بينهما الصندوق الذي يضخُّ المغترب المساعدات فيه لأهله ولعائلته ولأبناء بلدته. هكذا كانت الحالة في مطلع الستينيات من القرن الماضي، وتصاعدت مع اندلاع الحرب حين كان لكل بيت في الداخل مغترباً يعينه، واستمرَّ هذا الوضع إلى اليوم. في كل مرة، كان السؤال يُطرَح: إلى متى سيبقى المغترب مجرد صندوق من دون أفق سياسي؟ في مقابل ما يقدمه المغترب لوطنه، هل من كلمة له في أداء السلطة التنفيذية؟ ما هي آلية دوره في السلطة التشريعية؟ هذه الأسئلة كانت تُطرَح في كل مرة يكون مسؤول لبناني في جولة له في بلاد الإغتراب. كانت الوعود تُعطى والمواقف ترتفع ولكن من دون مفاعيل دستورية أو قانونية أو عملية. اليوم استحقها الجميع... جاء دور الصندوق الثاني للمغتربين، إنه الصندوق السياسي بعد الصندوق المالي الذي يخولهم المشاركة في الحياة السياسية في لبنان، من خلال مشاركتهم في اختيار نواب مجلس 2018. لكن هذه المشاركة تستدعي تحركاً وحركةً من المغتربين، إذ ما عليهم سوى تسجيل أنفسهم في السفارات والقنصليات في الخارج، في مهلة لا تتجاوز الستة أشهر قبل موعد إجراء الإنتخابات النيابية، وبما أنَّ هذه الإنتخابات ستجري في الثلث الأخير من أيار 2018، فإنَّ المهلة الأخيرة لتسجيل المغتربين في السفارات والقنصليات ستكون في العشرين من الشهر المقبل. القادة السياسيون والزعماء ورؤساء الأحزاب، يعرفون من اليوم أهمية أصوات المغتربين التي يُفترض أن تكون كثيفة. اللبنانيون في الخارج في الدول الأفريقية وفي الولايات المتحدة الأميركية وفي أميركا اللاتينية وفي الدول الأوروبية وفي أوستراليا، لديهم ثقلهم العددي وربما يكون لهم الصوت المرجِّح في حال جاء تسجيلهم بشكل مكثف. هذه المرة لم يعد من الجائز القول إنَّ المغترب ليس سوى صندوق مساعدات، بعد القانون الجديد للإنتخابات أصبح صندوق ديمقراطية، وهنا تقع المسؤولية عليه بمقدار ما كانت سابقاً تقع على المشرِّع اللبناني والسلطة التنفيذية اللبنانية في حرمانه من دوره. اليوم دوره صار له فليقُم به على أكمل وجه.

الهام سعيد فريحه