Elham Freiha
ابحث عن المقال
جنة الطقس في لبنان ومعاناة "سفر برلِك"
٨ شباط ٢٠١٧

الاسبوع الذي مضى، كان لبنان كأنه في سيبيريا على الخارطة، طقس صقيع، جليد على الطرقات، إنتعاش طفيف لأسواق الثياب الشتوية. فجأة ومن دون سابق إنذار، أحدٌ رائع، الحرارة ارتفعت، نزع المواطنون الثياب الشتوية، وكأنهم دخلوا في الربيع، وعاد اللبنانيون الى اللوحة الرائعة: "في الجبل تكون في فصل الشتاء، وعلى مرمى حجر تصبح على الساحل فتكون في الصيف". هذا هو لبنان، بل الفصول الأربعة، والصيف والشتاء في يومٍ واحد. الله أعطانا هذه النعمة، ولكن ماذا حوّلناها؟

على الطريق الساحلية يشعر اللبناني بأنه في رحلة "سفر برلِك"، هذا العمل العظيم الذي يُشعر الانسان بأنه في المنفى، انه عمل الرحابنة الذي يتحدث عن أوضاع لبنان عندما كان يخضع للعثمانيين. حيث كانت تعيش "غندورة" (فيروز) مع جدتها في ضيعة مشتى الديب. وكانت تنتظر يوم خطبتها من حبيبها عبدو. اليوم يشبه المشوار على الطريق الساحلية المسافات التي كانت تقطعها "غندورة" بحثًا عن عبدو. هذا على الطرقات الساحلية، أما على الطرقات الجبلية، فحدّث ولا حرج، عشرون رحلة "سفر برلِك" لا تكفي للانتقال من مفرق عجلتون الى مغارة جعيتا أو من مفرق عشقوت الى بلدة حراجل.

* * *

تُرى، هل الإصرار يمكن اعتباره بمثابة حث لدفع البلديات والمعنيين يُشعروننا بأننا في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين وليس في مطلع القرن العشرين أيام الحكم العثماني ومعاناة اللبنانيين؟ أكثر من قرن، ومعاناة الطرقات هي ذاتها.

نادرة السعيد