Elham Freiha
ابحث عن المقال
محاربة الفساد وضرورة المباشرة في اعتماد الحوكمة
٧ شباط ٢٠١٧

لعلها للمرة الأولى في تاريخ لبنان التي تكون فيه وزارة دولة لمكافحة الفساد... خطوة مهمة ولكنها لا تكفي، فوزارة الدولة ليست وزارة كاملة الأوصاف، لأنَّ ليست لديها هيكلية إدارية على غرار سائر الوزارات المكتملة، بدءاً من المدير العام، مروراً برؤساء المصالح والوحدات، وصولاً إلى الموظفين العاديين. ولكن لا بأس، فطالما أنَّ النية جدية باستحداث وزارة للفساد فإنَّ أمل الناس أن تكون حكومة ما بعد الإنتخابات النيابية تتضمَّن وزارة مكافحة الفساد بعد أن يصدر مرسوم تشكيلها، فتكون وزارة مكتملة وبكامل الصلاحية لأنَّ مهامها ستكون من أخطر المهام، بعدما استشرى الفساد على كل المستويات وفي كل القطاعات، إلى درجة بات الحديث عن يوميات الفساد، بحيث لم يعد يمر يومٌ من دون الكشف عن ملف يحتوي كمّاً هائلاً من الهدر في المناقصات المشوبة بعيوب والمزايدات المضاعفة الأسعار والتلزيمات القائمة على المحسوبية والصفقات المحجوبة عن الرقابة.

حين لم تكن وزارة الدولة لشؤون الفساد موجودة، ابتكر المجتمع المدني في العهد السابق ولا سيما في عهد حكومته الأخيرة، جمعيات وتنظيمات وحركات تنم عن نية للمباشرة برفع الصوت في مواجهة الفساد، فكانت حملة سَكِّر الدكانة وحركة طلعت ريحتكم. وعلى رغم أنَّ السياسة نخرت في بعض هذه الحركات فحرفت بعضاً منها عن أهدافها الحقيقية، فإنَّ من الواقعية القول إنَّ بعض الشبان والشابات الذين نزلوا إلى الشارع، في ملف النفايات، ساهموا بشكلٍ أو بآخر في التخفيف من اندفاعة الفساد الذي كان يسير بسرعة صاروخية: من إقفال مطمر الناعمة، إلى ابتداع فكرة الترحيل، إلى اكتشاف أنَّ عملية الترحيل شابتها عيوب وقطب مخفية. مَن ينسى الإعتصامات التي بلغت حدَّ الدخول إلى وزارة البيئة؟ مَن ينسى الإعتراضات في الشارع؟

إنَّ المطلوب اليوم، ليس أن تحلَّ الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني محلَّ الوزارات والإدارات، بل أن تقوم هذه الوزارات وهذه الإدارات بالدور المنوط بها من أجل وضعِ حدٍّ لملفات الفساد، وما أكثرها! إحدى البعثات الدولية التي على علاقة بالشفافية الدولية، زارت لبنان مؤخراً ووضعت تقريراً أقل ما يُقال فيه إنه معيبٌ في حق البلد.

أجرت البعثة جولات ميدانية وإطَّلعت على طريقة العمل وإلتقت بعدد من الخبراء فتوصلت إلى خلاصة مفادها: ما لم تبدأ عملية المحاسبة، وبسرعة قصوى، فإن البلد سيصل إلى مرحلة الفساد المطلق الذي ينخر مؤسساته بحيث لا يعود ينفع أيُّ إصلاح.

وأوصت البعثة بالمباشرة في الحوكمة gouvernance تحقيقاً لمبدأ المحاسبة. والحوكمة باتت معتمدة سواء في الإدارات الرسمية أو شبه الرسمية، وحتى الخاصة، ومن دون ذلك لا أمل جدياً في البدء في الإصلاح.

الهام سعيد فريحه