Elham Freiha
ابحث عن المقال
استراتيجية حافة الهاوية في قانون الإنتخابات النيابية
٤ شباط ٢٠١٧

منذ وضع الدستور اللبناني، وهذا كان قبل تسعين عاماً، والسياسيون يتعاطون مع اللبنانيين على أنَّهم ناخبون وليسوا فقط مواطنين، فكان قالب الجبنة الذي تحدّث عنه الرئيس فؤاد شهاب، وتقاسمه على يد الزعماء أكلة الجبنة، كما كان يسميهم، لا يقتصر على النفوذ في الإدارات والمنافع منها، بل كان يمتدُّ خصوصاً إلى المقاعد النيابية، فكانت الكتل النيابية وجهاً من أوجه الزعامة، ولهذا السبب فإنَّ قوانين الإنتخابات النيابية كانت من القوانين التي تأخذ الحيِّز الأكبر من النقاشات والسجالات والدراسات، إلى درجة أنَّ هذه القوانين كانت تأخذ وقتاً من النقاش أكثر من الأوقات التي تأخذها الموازنات العامة، وإلى درجة أنَّ الموازنات كانت تؤجَّل، وكم من أعوام مرَّت من دون موازنات فيما لم تمر من دون قوانين للإنتخابات النيابية.

***

هذا عائدٌ إلى أنَّ السياسيين يضعون زعاماتهم أولاً، وكل الملفات الأخرى تأتي لاحقاً. أليس هذا هو الذي يحصل اليوم؟ شهران مرَّا على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ومنذ ذلك التاريخ لم يغادر ملف قانون الإنتخابات النيابية، لا المنتديات ولا الصالونات السياسية ولا البرامج الحوارية ولا الصحف والتلفزيونات والمواقع الإخبارية. الجميع من دون استثناء يشتغلون في مشاريع القوانين الإنتخابية: الوزراء، النواب والخبراء. تُشكَّل لجان وتُبقي اجتماعاتها مفتوحة. كلُّ القوانين ومشاريع القوانين وُضِعَت على الطاولة: من قانون الدوحة المستنسخ من قانون الستين، إلى مشاريع القانون المختلط بين الأكثري والنسبي، إلى التأهيل على القضاء والإنتخاب على المحافظة، إلى النسبية على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة. كلُّ هذه المشاريع سقطت لأنَّ هناك مَن لا يريدها: العقدة الأساس في هذا المجال هي النائب وليد جنبلاط الذي يرفض النسبية سواء أكانت جزئية أم شاملة، جنبلاط يقولها بكل وضوح أنَّه يريد الشوف وعاليه دائرة انتخابية واحدة، وما ناله أيام الوجود السوري لن يُفرِّط به اليوم.

***

إلى أين من هنا؟ الرئيس العماد ميشال عون لن يقبل بالإستثناءات تحت أيِّ ظرفٍ من الظروف، هو يعرف أنَّ أية دعسة ناقصة في السياسة ستضرب صورة العهد، ويعرف أيضاً أنَّ ميزة كل عهد هي في قانون الإنتخابات الذي يُوضَع في عهده، ويعرف أنَّ الإنتخابات النيابية العامة ستجري مرتين في عهده: المرة الأولى هذه السنة، والمرة الثانية بعد أربع سنوات، وتأسيساً على ذلك فإنَّه لن يرضى بأن يُقال إنَّه على عهده وُضِع قانون شابته عيوب الإستثناءات والمراعاة وعدم اعتماد المعايير الواحدة.
وانطلاقاً من هذه المعطيات أيضاً، فإنَّ من باب عدم الجدوى محاولات التهويل عليه من أنَّ عدم إجراء الإنتخابات سيُصيب العهد بالإنتكاسة، فهو لن يسجل على نفسه القبول ببقاء قانون الستين وإجراء انتخابات نيابية على أساسه، كما لن يوقِّع مرسوم تشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات قبل انتهاء مهلة 21 شباط الجاري، كذلك لن يوقِّع قانون التمديد لولاية مجلس النواب، وليحدث ما يحدث.

الهام سعيد فريحه