Elham Freiha
ابحث عن المقال
قانون الإنتخابات على نار التفهُّم المتبادل والميثاقية وعدالة التمثيل
٣ شباط ٢٠١٧

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إبن المؤسسة العسكرية وخريج المدرسة الحربية، وهاتان المدرستان خارج القيد الطائفي. ورئيس الحكومة سعد الحريري زعيم تيار عابر للطوائف والمذاهب والمناطق، فيه من السنّي والشيعي والدرزي والماروني والأرثوذكسي والأقليات.
لكنهما، كلٌّ من موقعه، يريان أنَّ من واجبهما طمأنة مكوِّنات المجتمع اللبناني، من طوائف ومذاهب، خصوصاً أنَّ الممارسات التي كانت تحصل سابقاً، لم ترقَ إلى طمأنة هذه المكوِّنات: فمجلس النواب اللبناني مؤلف بموجب التعديلات الدستورية عام 1991 من 64 نائباً للمسيحيين و64 نائباً للمسلمين. كلُّ القوانين الإنتخابية التي وُضِعَت لدورات 1992 و 1996 و2000 و2005 و2009 ، لم تكن عادلة أو متوازنة لأنَّ الكثير من النواب لم يكونوا يأتون بأصوات طوائفهم، بل إنَّ طوائف ومذاهب أخرى كانت تتحكم في وصولهم إلى الندوة البرلمانية: فنائب طرابلس عن المقعد الماروني، كان يأتي بأصوات السنّة. والنائب في بعلبك الهرمل عن المقعد الماروني كان يأتي بأصوات الشيعة. والنائب في الشوف عن المقعد الكاثوليكي كان يأتي بأصوات الدروز. والنائب في بيروت عن مقعد الأقليات المسيحية كان يأتي بأصوات السنّة. هذه عيِّنة، وهناك عيِّنة أخرى تُلحق الغبن بمقاعد غير مسيحية: فالنائب الشيعي في دائرة جبيل كان يأتي بأصوات الموارنة.

والنائب الدرزي في بيروت كان يأتي بأصوات السنّة.

هكذا يُحصي المسيحيون عشرات النواب الذين لا يأتون بأصوات المسيحيين، فيكون أداؤهم في الندوة البرلمانية وفق ما يريد رئيس كتلتهم النيابية، فالنواب المسيحيون في الشوف وعاليه يتصرفون وفق ما يريد رئيس كتلتهم الدرزي، هذه هي الحال مع النواب هنري حلو وفؤاد السعد في عاليه، ومع نعمة طعمة وإيلي عون في الشوف. وهذه هي حال النائب ميشال موسى في الجنوب بالنسبة إلى كتلة الرئيس نبيه بري. فقط في كسروان وجبيل والبترون وزغرتا وبشري والمتن الشمالي، يشعر المسيحيون بأنَّ نوابهم يأتون بأصوات المسيحيين، أي قرابة ثلث النواب المسيحيين فقط يأتون بأصوات المسيحيين، أما النواب المسيحيون في عكار وطرابلس وبيروت والمتن الجنوبي والشوف وعاليه والجنوب والبقاع الغربي وبعلبك الهرمل، فإما يأتون بأصوات السنّة وإما يأتون بأصوات الشيعة وإما يأتون بأصوات الدروز.

هذا الوضع غير الصحي هو الذي يُركِّز عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والذي يلاقيه في منتصف الطريق الرئيس سعد الحريري، فلا أحد يريد الغبن لأحد، والرئيس عون الذي هو صاحب شعار الرئيس القوي، يريد أيضاً النائب القوي أي النائب الذي لا يستطيع أحدٌ من الطوائف الأخرى أن يُمنِّنه بأنّه دخل الندوة البرلمانية بفضله. هذا هو المعيار المطلوب والموحد، أما كيف الوصول إليه، فعندها يُصبح القانون الذي يترجِم هذا الهدف، تفصيلاً من التفاصيل، خصوصاً حين يقتنع الجميع بأنه كما الدرزي يريد أن يختار ممثله في البرلمان، هكذا يحقُّ للمسيحي أن يختار نائبه في البرلمان.
هذا الواقع سلَّم به النائب وليد جنبلاط فأقرَّ في تغريدةٍ له بما يلي: نتفهم هواجس الغير لكنني على يقين أنهم يتفهمون هواجسنا. إنطلاقاً من هذه التغريدة يمكن القول إنَّ التفهُّم المتبادَل سيكون المدخل الجديد لقانون انتخابي ميثاقي ووطني ويراعي التمثيل الصحيح.

الهام سعيد فريحه