Elham Freiha
ابحث عن المقال
"سيسنا" الحائرة بين كوستابرافا وبرج حمود
٤كانون الثاني ٢٠١٧

أعترف بأنني لا أُحب الطيران كثيراً، لذلك قرأتُ كتاب "جول فيرن" الذي يحمل عنوان "حول العالم في ثمانين يوماً" أكثر من مرة، لأنّه "بَرَم العالم" في هذه المدة ولكن عبر القطار والبواخر. * * * وإذا كنتُ لا أحب الطيران لنفسي، فكيف أحبه لأصدقائي ولعائلتي؟ ففي كلِّ مرة أكون فيها على سفر، ينتابني شعور يقول: حبذا لو أنّنا نستطيع أن نجوب العالم على طريقة "جول فيرن". * * * استحقيتُ الأمر حين عرفتُ أنَّ أحد رفاق حفيدي يريد إقامة حفل عيد ميلاده في الجو، وذلك على متن طائرة "سيسنا"، وأنَّ الحفلة عبارة عن تحليق فوق الأراضي اللبنانية. استفسرتُ عن "سيسنا" فجاءني الجواب أنَّ مُخترعها هو الأميركي "كلايد سيسنا فيرنون" الذي نجح في بناء طائرة خشبية عام 1911، وحملت إسمه. ومن تاريخ وضعها في الخدمة، تمّ تصنيع نحو ستين ألف طائرة منها، لصغر حجمها وكلفتها غير المرتفعة، ومنها أحجام عدة: بعضها يتَّسع لراكبين وبعضها يتَّسع لتسعة ركاب، ويقودها طيَّار واحد، وفيها مُحرِّك واحد. * * * لم تنتهِ القصة هنا. سألنا عن دواعي عيد الميلاد في الجو، فقيل لنا إنها فرصة للتعرف على لبنان من فوق. تذكرتُ مقولة "روما من فوق غير روما من تحت"، لكن الوضع عندنا مختلف، فماذا يمكن أن نكتشف من الأجواء اللبنانية؟ هل نكتشف مكب الكوستابرافا الملاصق للمطار؟ أم نكتشف مكب برج حمود الملاصق للمرفأ؟ أم نكتشف جبل النفايات على شاطئ صيدا؟ أم نكتشف المقالع والكسارات والمرامل التي نهشت الجبال اللبنانية؟ لو كنا سنكتشف قمم "أفرست" و"هيمالايا" لهان الأمر، لكن أن نُعذِّب "سيسنا" معنا من أجل اكتشاف مكبات النفايات، التي سبق أن اكتشفناها على الأرض، فالأمور "لا تحرز"، والأفضل إقامة عيد الميلاد على الأرض.

نادرة السعيد